الأحد، 8 ديسمبر 2013

السكوت كتعبير عن الإرادة - قضية

خـطـة البـحث

المبحث الأول :
سكوت بن طاهر عند تدخل بكوش إثر الحادث قبول (م 68 ق.م.ج
المطلب الأول :
تدخل بكوش لإطفاء الحريق إيجاب مصلحة بن طاهر
المطلب الثاني :
سكوت بن طاهر عند تدخل بكوش سكوت ملابس
المبحث الثـاني :
مدى صحة موقف قضاة الموضوع في قضية الحال
المطلب الأول :
الاتفاق قائم وتام بين بن طاهر وبكوش
المطلب الثاني :
إصابة قضاة الموضوع في قضائهم بتعويض بكوش

الخــاتـمة

التعليق على قرار :" السكوت كتعبير عن الإرادة "
أولا : الجانب الشكلي : المقدمة : 1-أطراف النزاع :
الطرف الأول : الطاعن السيد بن الطاهر
الطرف الثاني : المطعون ضده السيد بكوش
2-الوقائع : -بتاريخ : 04/02/1979 وقوع اصطدام بين سيارة دروش ودراجة نارية مملوكة للسيد بن الطاهر
-اشتعال حريق في الدراجة .
-تدخل السيد بكوش لإطفاء الحريق
-إصابة بكوش بجروح بالغة الخطورة بسبب إنفجار خزان الدراجة نقل على إثرها إلى المستشفى .
3-الإجراءات : -رفع السيد بكوش دعوى أمام محكمة القليعة التي أصدرت حكما بتاريخ: 12/11/1980 تقضي فيه بإلزام بن الطاهر بتعويض الأضرار التي لحقت بكوش .
-استأنف السيد بن الطاهر أمام مجلس قضاء البليدة ، فصدر قرار بتاريخ: 03/10/1981 يقضي بتأييد حكم محكمة القليعة .
-طعن بن الطاهر بالنقض أمام المجلس الأعلى في قرار المجلس ، فصدر قرار بتاريخ : 20/05/1985 قضى برفض الطعن .
4- الإدعاءات : -عن الوجه الوحيد الذي أثاره بن طاهر (الطاعن بالنقض)
حيث يؤخذ على قضاة الموضوع أنهم قضوا بالتعويض لصالح بكوش على أساس وجود اتفاق بين الطرفين ، في حين أن وجود مثل هذا الاتفاق يقتضي رضاء المسعف، الذي لم يعبر عنه أثناء الحادث .
5-المشكل القانوني : -هل يعتبر سكوت بن طاهر عند تدخل بكوش لإسعافه قبولا ؟
-وهل أصاب قضاة الموضوع عند اعتبار الإتفاق بين الطرفين تاما وبالتالي إلزام بن طاهر بتعويض بكوش ؟
6-الحل القانوني : المادة 68 فقرة 2 قانون مدني
حيث أن قضاة المجلس القضائي اعتبروا أن إتفاقية الإسعاف قد تمت بين بكوش وبن طاهر، وعليه فإنهم أصابوا لما قضوا بإلزام بن طاهر بتعويض الضرر اللاحق بالسيد بكوش، الذي تدخل مجانا بإطفاء النار . الأمر الذي يجعل وجه الطعن بالنقض غير سديد وغير مقبول موضوعا .
7-المنطوق : لهذه الأسباب يرفض الطعن بالنقض .
للإجابة على هذا المشكل القانوني نقترح الخطة التالية :
الجانب الموضوعي :
المبحث الأول : سكوت بن طاهر عند تدخل بكوش إثر الحادث قبول (م 68 ق.م.ج )
المطلب الأول : تدخل بكوش لإطفاء الحريق إيجاب مصلحة بن طاهر
الإيجاب هو العرض الذي يتقدم به الشخص ليعبر به على وجه الجزم عن إرادته في إبرام إتفاق معين، وهو العنصر الأول في الاتفاق، حيث يكون سابقا عن القبول ، ويكون التعبير عن الإرادة إيجابيا متى كان التعبير دقيقا ، محددا وباتا .
-في قضية الحال فإن بكوش الذي رأى الحادث واشتعال النار في دراجة بن طاهر سارع لإطفاء الحريق، فهو بتصرفه هذا يعتبر موجبا، حيث بإقباله على بن طاهر لإسعافه فهو وعلى وجه الجزم يقدم عرضا دقيقا ، محدودا وباتا لبن طاهر يتمثل في إغاثته وإطفاء الحريق الذي شب في الدراجة .
-ضف إلى ذلك أن تصرف بكوش يحقق مصلحة خالصة لبن طاهر .
إذن فإن تدخل بكوش هو إيجاب لمصلحة من وجه إليه (فالسكوت في معرض الحاجة بيان) قاعدة فقهية .
المطلب الثاني : سكوت بن طاهر عند تدخل بكوش سكوت ملابس
نعلم أن القبول هو الرد الإيجابي على الإيجاب من طرف الموجب له ويشترط أن يكون مطابقا للإيجاب ، وقد يكون القبول بطريق صريح أو ضمني ، ويتم لفظا أو كتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا أو باتخاذ موقف (المادة 60 ق.م.ج) هذا كقاعدة عامة .
لكن المشرع الجزائري في المادة 68 تكلم عن مشكلة السكوت ومدى اعتباره قبولا فالسكوت سلوك سلبي، فهو أمر مجرد لا يفيد شيئا، فهو يفيد العدم ، فلا يمكن أن يستنتج منه قبول الموجب له ، لذا فإن المشرع الجزائري لا يتعد بالسكوت المحض المجرد من كل ظرف بل أخذ بالسكوت الملابس الذي تحيط به بعض العوامل والظروف التي من شأنها أن تدل على وجود شيء ما المادة 68 / 2 (يعتبر السكوت في الردة قبولا ، إذا اتصل الإيجاب بتعامل سابق بين المتعاقدين ، أو إذا كان الإيجاب لمصلحة من وجه إليه).
فالقبول يستخلص من الظروف المحيطة بالسكوت، فهو إذا مفترض لا يستند إلى إرادة قطعية في هذه الحالة وإنما يستند إلى ظروف الاتفاق .
لذا فإن القبول الذي تم عن طريق السكوت الملابس هو تعبير عن إرادة الموجب له جيث يعتبر بعض الفقهاء أن السكوت لغة خرساء خاصة وإن ليس لهذا السكوت مدلول آخر.
وفي قضية الحال فإن وقوع حادث المرور وإندلاع الحريق في دراجة بن طاهر في حضور بكوش، الذي سارع لإسعاف بن طاهر ، فسكوت هذا الأخير عن تدخل بكوش وعدم منعه، هو سكوت محاط بجملة هذه الظروف بجعله سكوتا مبنيا أو ملابسا عكس السكوت المحض الخالي من أي ظروف أو ملابسات ليس له إلا مدلولا واحدا هو قبول بن طاهر تدخل بكوش لإسعافه .
المبحث الثاني : مدى صحة موقف قضاة الموضوع في قضية الحال
المطلب الأول : الاتفاق قائم وتام بين بن طاهر وبكوش
تنص المادة 59 ق.م.ج (يتم العقد بمجرد تبادل الطرفين التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإخلاء بالنصوص القانونية ).
فإن من بين أركان العقد ركن التراضي الذي يقتضي وجود إرادتين متطابقتين على الأقل، ثم التعبير عنها وتبادلها من قبل الأطراف فتندمج بعضها ببعض لتكون الإرادة المشتركة ، وبالتالي فإن عناصر تطابق الإرادتين هي الإيجاب أو القبول .
ومما يستخلص من القرار محل التعليق أن قضاة الموضوع قد كيفوا تصرف بكوش إيجابيا ، وتلى هذا الإيجاب قبول بن طاهر ، وإن كان هذا الأخير قد سكت إلا أن سكوته يكيف على انه مبين أو ملابس وليس محظا أو مجردا ، وبالتالي فإنه يقع تحت طائلة المادة 68 ق.م.ج مما يجعل العقد هذا تاما بين الطرفين .
المطلب الثاني : إصابة قضاة الموضوع في قضائهم بتعويض بكوش
إن ادعاء بن طاهر بأن الاتفاق غير تام نظرا لأنه لم يعبر عن رضائه أثناء الحادث هو ادعاء مردود عليه ، ومجانب للصواب .
حيث أن عدم تعبير بن طاهر عن رضائه يعتبر سكوتا ملابسا خاضعا لأحكام المادة 68 ق.م.ج.
وبالتالي فإن قضاة الموضوع قد أجابوا حيث اعتبروا الاتفاق بين بن طاهر وبكوش تاما وقائما ، مما يقتضي معه وجوب تعويض بكوش مما لحقه من أضرار .
الخـاتــمة :
جاءت عبارة المادة 68 غامضة نوعا ما .
حيث تعطي سلطة واسعة للقاضي في تفسير الظروف التي تحيط بالسكوت فتجعله ملابسا أو مبينا أي لا بقيل إلا مدلولا واحدا .
كما أنه لم يتكلم عن كيفية تقدير الإيجاب النافع لمن وجه إليه .
المـراجـع :
د- خليل أحمد حسن قدادة :
الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري (مصادر الإلتزام)
د- علي علي سليمان :
النظرية العامة للإلتزام .
د- بلحاج العربي :
النظرية العامة للإلتزام .
د- عبد الرزاق أحمد السمهوري :
الوسيط في شرح القانون المدني الجديد (مصادر الإلتزام) ج 1 .

0 التعليقات:

إرسال تعليق